فصل: وقائع أذربيجان قبل مسير جلال الدين إليها.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.أولية الوزير شرف الدين.

هذا الوزير هو فخر الدين علي بن القاسم خواجة جهان ويلقب شرف الملك أصله من أصفهان وكان أول أمره ينوب عن صاحب الديوان بها وكان نجيب الدين الشهرستاني وزير السلطان وابنه بهاء الملك وزير الجند وفخر الدين هذا يخدمه بها ثم تمكن من منصب الافتاء وطمع إلى مغالبة نجيب الدين على الوزارة وسعى عند السلطان بأنه تناول من جبايتها مائتي ألف دينار فسامحه بها السلطان ولم يعرض له ثم سعى بفخر الدين ثانية فولى وزارة الجند وأقام بها أربع سنين حتى عبر السلطان إلى بخارى فكثرت به الشكايات فأمر بالقبض عليه فاختفى ولحق بالطالقان إلى أن اتصل بجلال الدين حين كان بغزنة بعد مهلك ابنه فرتبه في الحجابة إلى أن أجاز بحر السند وكان وزيره شهاب الدين الهروي فقتله قباجة ملك الهند كما مر واستوزر جلال الدين مكانة فخر الدين هذا ولقبه شرف الملك ورفع رتبته على الوزراء وموقفه وسائر آدابه وأحواله.

.عود التتر إلى الري وهمذان وبلاد الجبل.

وبعد رجوع التتر المغربة من أذربيجان وبلاد قفجاق وسروان كما قدمناه وخراسان يومئذ فوضى ليس بها ولاة الا متغلبون من بعض أهلها بعد الخراب الأول والنهب فعمروها فبعث جنكزخان عسكرا آخر من التتر إليها فنهبوها ثانيا وخربوها وفعلوا في ساوة وقاشان وقم مثل ذلك ولم يكن التتر أولا أصابوا منها ثم ساروا إلى همذان فاجفل أهلها وأوسعوها نهبا وتخريبا وساروا في اتباع أهلها إلى أذربيجان وكبسوهم في حدودها فأجفلوا وبعضهم قصد تبريز فسار التتر في اتباعهم وراسلوا صاحبها ازبك بن البهلوان في اسلام من عنده فبعث بهم بعد أن قتل جماعة منهم وبعث برؤوسهم وصانعهم بما أرضاهم فرجعوا عن بلاده والله تعالى أعلم.

.وقائع أذربيجان قبل مسير جلال الدين إليها.

لما رجع التتر من بلاد قفجاق والروس وكانت طائفة من قفجاق لما افترقوا وفروا أمام التتر ساروا إلى درنبر شروان واسم ملكه يومئذ رشيد وسألوه المقام في بلاده وأعطوه الرهن على الطاعة فلم يجبهم ريبة بهم فسألوه الميرة فأذن لهم فيها فكانوا يأتون إليها زرافات وتنصح له بعضهم بأنهم يرومون الغدر به وطلب منه الانجاد بعسكره وسار في أثرهم فأوقع بهم وهم باخلون بالطاعة فرجع ذلك القفجاقي بالعسكر ثم بلغه إنهم رحلوا من مواضعهم فاتبعهم ثانيا بالعساكر حتى أوقع بهم ورجع إلى رشيد ومعه جماعة منهم مستأمنين وقد اختفى فيهم كبير من مقدميهم وتلاحق به جماعة منهم فاعتزموا على الوثوب فهرب خائفا ولحق ببلاد شروان واستولت طائفة القفجاق على القلعة وعلى مخلف رشيد فيها من المال والسلاح واستدعوا أصحابهم فلحقوا بهم واعتزموا وقصدوا قلعة الكرج فحاصروها وخالفهم رشيد إلى القلعة فملكها وقتل من وجد بها منهم فعادوا من حصار تلك المدينة إلى درنبر وامتنعت عليهم القلعة فرجعوا إلى تلك المدينة فاكتسحوا نواحيها وساروا إلى كنجة من بلاد اران وفيها مولى لازبك صاحب أذربيجان فراسلوه بطاعة ازبك فلم يجبهم إليها وعدد عليهم ما بدر منهم في الغدر ونهب البلاد واعتذروا بأنهم إنما غدروا شروان لانه منعهم الجواز إلى صاحب أذربيجان وعرضوا عليه الرهن فجاءهم بنفسه ولقوه في عدد قليل فعدا عن محال التهمة فبعث بطاعتهم إلى سلطانه وبعث بذلك إلى أزبك وجاء بهم إلى كنجة فأفاض فيهم الخلع والأموال وأصهر إليهم وأنزلهم بجبل كيكلون وجمع لهم الكرج فآواهم إلى كنجة ثم سار إليهم أمير من أمراء قفجاق ونال منهم فرجعوا إلى جبل كيكلون وسار القفجاق الذين كبسوهم إلى بلاد الكرج فاكتسحوها وعادوا فاتبعهم الكرج واستنقذوا الغنائم منهم وقتلوا ونهبوا فرحل القفجاق إلى بردعة وبعثوا إلى أمير كنجة في المدد على الكرج فلم يجبهم فطلبوا رهنهم فلم يعظهم فمدوا أيديهم في المسلمين واسترهنوا أضعاف رهنهم وثار بهم المسلمون من كل جانب فلحقوا بشروان وتخطفهم المسلمون والكرج وغيرهم فافنوهم وبيع سبيهم وأسراهم بابخس ثمن وذلك كله سنة تسع عشرة وكانت مدينة فيلقان من بلاد اران فأخر بها التتر كما قدمناه وساروا عنها إلى بلاد قفجاق فعاد إليها أهلها وعمروها وسار الكرج في رمضان من هذه السنة إليها فملكوها وقتلوا أهلها وخربوها واستفحل الكرج ثم كانت بينهم وبين صاحب خلاط غازي بن العادل بن أيوب واقعة هزمهم فيها وأثخن فيهم كما يأتي في دولة بني أيوب ثم انتقض على شروان شاه ابنه وملك البلاد من يده فسار إلى الكرج واستصرخ بهم وساروا معه فبرز ابنه إليهم فهزمهم واثخن فيهم فتشاءم الكرج بشروان شاه فطردوه عن بلادهم واستقر ابنه في الملك واغتبط الناس بولايته وذلك سنة اثنتين وعشرين ثم سار الكرج من تفليس إلى أذربيجان وأتوها من الاوغار والمضائق يظنون صعوبتها على المسلمين فسار المسلمون وولجوا المضائق إليهم فركب بعضهم بعضا منهزمين ونال المسلمون منهم أعظم النيل وبينما هم يتجهزون لاخذهم الثأر من المسلمين وصلهم الخبر بوصول جلال الدين إلى مراغة فرجعوا إلى مراسلة أزبك صاحب أذربيجان في الاتفاق على مدافعته وعاجلهم جلال الدين عن ذلك كما نذكره إن شاء الله تعالى.